“كثيرون من أبناء عائلة سُمرين تعرضوا لاعتداءات إسرائيلية جسدية وحشية، وآخرون اعتقلوا وأبعدوا عن أراضيهم، وغيرهم ألقوا بأجسادهم أمام أنياب الجرافات الإسرائيلية رفضا لتجريفها”.
القدس المحتلة – “أمي.. هاتِ يديك قد تعبت.. في غير حضنك ما استرحت.. الآخرون ظالمون وغير حبك ما وجدت”. تنطبق هذه الكلمات التي خطّها الكاتب سهيل مطر -قبل سنوات- على المقدسي عمر سُمرين الذي يعتبر أرضه المهددة بالمصادرة الإسرائيلية أمه التي يسهر على حراستها ويخشى فقدانها. والأرض الواقعة بحي وادي الربابة في بلدة سلوان (جنوبي المسجد الأقصى المبارك) هي وجهة سمرين اليومية بعد صلاة الفجر، لا يغادرها إلا مع غروب الشمس. ولا يفعل ذلك في موسم قطاف الزيتون فحسب، بل على مدار العام كما تعوّد منذ طفولته.
وُلد عمر سُمرين عام 1958 في بلدة سلوان، وتلقى تعليمه في مدارسها. لكنه يقول إن المبادئ الأهم التي تلقاها في الحياة كانت في أرض العائلة ومن أجداده ووالديه. الجزيرة نت رافقت سُمرين في رحلته لقطف الزيتون من أرضه المهددة بالسرقة والمصادرة لصالح إقامة مشاريع استيطانية تستهدف حي وادي الربابة في سلوان. منشار صغير ومقص وسلالم وأكياس كبيرة ومفارش طويلة ودِلاء هي الأدوات التي يحرص المقدسي سمرين على جلبها معه إلى الأرض، بالإضافة إلى إبريق للشاي وآخر للقهوة، رفيقيه وقت الاستراحة.
ببراعة، يثبت السلالم على جذوع الشجرة ويصعد إليها رافضا استخدام العصا لجني الثمار، وهو ما يضاعف جهده الجسدي في قطفها حبة حبة. تتناثر ثمار الزيتون -في تناغم موسيقي- على المفارش التي وضعت أسفل الشجرة، في حين يستمر سمرين في قطفها بدون ملل، ويحاور الشجرة تارة، والجزيرة نت تارة أخرى. “هذه الأشجار هي كل حياتي، لم تتخل عني يوما ولم تضرني؛ قبل سنوات، صعدت إلى إحداها لقطف الزيتون فسقط الغصن العلوي وسقطتُ معه، لكنني تعلقت بآخر أقوى، لم أرتطم بالأرض لأن الشجرة تحبني وأحبها، وعند الأزمات تحميني وأحميها”. يصف عمر أرضه قائلا: “الأرض أُمّي.. رضعتُ من أمي عامين، لكن الأرض هي من أطعمتني طوال حياتي، كانت أمي تصحبني معها رضيعا لتساعد والدي والعائلة في موسم القطاف.. كبرتُ وأنا أشعر بأنني لا أستنشق الهواء النقي إلا في هذا المكان”.